الهيئة .. بعد آخر

أوت 20, 2009

حقيقة ما كتبت عن هذا الموضوع إلا مرغماً , ولست أحب الخوض فيه على الرغم من أنه يمس واقعنا بشكل يومي , وعلى الرغم من المعارك التي نراها على صفحات النت أو على صفحات الجرائد فيما يتعلق بهذا الموضوع , والجدل البيزنطي الذي يدور في المجالس حينما يفتح أي نقاش حوله , إلا أنني سأقتحم هذا النقاش لأنني أجد بأن هناك بعد آخر في الموضوع , إما أنه غائب أو مغيب عن الكثيرين الذين غالباً لا ينتهي جدالهم بالاتفاق على شيء ..

هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ..

ربما أثارني كما أثار الكثيرين الخبر الذي انتشر في الفترة الأخيرة من قيام بعض أفراد الهيئة بسحب المايك من أحد منشدي فرقة طيور الجنة أثناء إحدى الأناشيد التي أقيمت في مجمع الظهران , ومحاولتهم إلغاء إحدى الحفلات في المدينة المنورة , لست أدري حقيقة مالسبب الذي دعا الهيئة للقيام بمثل هذا التصرف , ولست أنوي الخوض ولا التكهن لمعرفة الدوافع التي قام بها رجل الهيئة , وإنما أريد أن أثير بعض التساؤلات حول حقيقة عمل الهيئة .. وعن دورها في المجتمع .. وعن مدى الدعم الذي تلقاه من وزارة الداخلية تحديداً ..!!!!

ربما أجد العذر للهيئة في انكارهم على (حفل فرقة طيور الجنة , والمعاني السامية التي يدعون لها) لو أنهم أنكروا على (الحفلات الغنائية التي تقام على مدار السنة , والتي يتراقص فيها الشباب أفراداً وجماعات) ..

أليست المهمة (أمر بالمعروف ونهي عن المنكر) .. ؟؟

إذاً لماذا تنتفخ الأوداج , وتحمر الوجوه غضباً لله في أماكن ولا نرى هذه الوجوه تغضب في أماكن أخرى .. ؟؟

من وجهة نظري أن المسألة لها جانبين :

– جانب سياسي : وأراه يتبدى في الدعم اللامحدود من وزارة الداخلية , ممثلة في الأمير نايف , بإطلاقه يد الهيئة في الكثير من الأماكن , ومهاجمته لكل من ينتقدها في وسائل الاعلام . هذا الدعم في حسابات السياسة لا بد له من مقابل , والمقابل الذي أراه هو السيطرة على (قادة الرأي الديني) – وان كنت أتحفظ على المصطلح – وأقصد هنا الرأي السائد , والجريء دائماً في رفع صوته بغض النظر هل هو على صواب أو على خطأ , وإلا ففي المقابل هناك أصوات أكثر اعتدالاً لكنها في نفس الوقت أكثر جبناً في المشاركة على صعيد الرأي العام لأكثر من سبب , ربما يتم نقاشها في موضوع مستقل.

– جانب فكري : وهو متداخل في بعض أوجهه مع الجانب السياسي , وهذه العقدة المتوارثة من الأجيال التي عطلت المفهوم الصحيح للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , والتي من أسمى أهدافها الاحتساب على (ولي الأمر) , والذي بصلاحه تصلح الرعية وبفساده تفسد الرعية.

والغريب أن العقول التي تستحضر قول الامام أحمد بن حنبل (لو أن لي دعوة مستجابة لجعلتها للسلطان) , لا تستحضر في نفس المقام وقوف الامام في وجه الظلم وحده , حتى وإن كان الداعم الأقوى لهذا الظلم هو هذا السلطان. هذه المعضلة في الفكر الاسلامي ليست وليدة هذا العصر بل هي متوارثة من عصور الجور والاستبداد والملك الجبري التي توالت على الأمة الاسلامية بعد عصر الخلافة الراشدة , وما دام الرأي المعتدل لا يجاهر بآرائه في العلن فسيبقى الرأي المتشدد هو المسيطر على مقاليد الأمور طالما أنه يدعم وبشكل لا محدود من الجانب السياسي.

يبقى أن نقول أن المجتمع منقسم حول (الهيئة) إلى ثلاثة أقسام :

– قسم يرى بأن لها الحق في كل ما تعمل وأنها تقوم بشيء عظيم تستحق أن تشكر عليه , وهذا القسم غالباً ما يرفض أي انتقاد للهيئة , بصفتها الذائد الأكبر عن أعراض الناس .

– قسم يرى بأن الهيئة كبقية أجهزة الدولة الأخرى , لها سلبياتها ولها ايجابياتها ولا ينبغي أن تحمل الأخطاء فوق ما تحتمل , وهذا القسم غالباً ما يرى الأخطاء على أنها تصرفات شخصية من بعض المنتمين للهيئة , ولا ينبغي أن يعمم الخطأ وإن تكرر ..

– قسم يهاجم الهيئة , ولا يؤمن بوجودها مطلقاً بسبب السلبيات التي يدخل الاعلام في تضخيمها أحياناً , وهذا القسم يوصف كل من يرى برأيه بأنه (علماني) و (ليبرالي) ولا يريد الخير للأمة , وربما يوصف بأنه ممن يريد الفساد في الأرض.

أنا أرى بأن الهيئة بشكلها الحالي منفرة عن الاسلام , وأفقدت الكثير من الشباب الثقة بأنهم ربما يكون فيهم شيء من الخير والصلاح , فالملاحقة في المجمعات التجارية , والمنتزهات , والشواطيء , والأسواق توهم الشاب بأن الزلة منتظرة منه , وبأنه لا يمكن أن يترك بلا مراقبة وإلا عاث في الأرض فساداً. هذه الملاحقة أجهزت على (الوازع الداخلي) لكثير من الشباب , وكما يقولون “كثرة المساس تذهب الاحساس”.

غياب (النظام الصارم) ربما أحد مسببات وجود الهيئة , ولو كان هناك نظام واضح , وعادل في تطبيقه على الجميع , وصارم لا يقبل الجدال لربما ما احتجنا لأفراد يلاحقون شبابنا في كل مكان , ولربما كف الجدل حول (الهيئة) , واتجهت العقول للتفكير في كيفية الارتقاء بالبلد سياسياً واجتماعياً واقتصادياً .. وهذا ربما ما لا يريده بعض المستفيدين والمتنفذين 🙂

هل من عودة ؟؟

جويلية 28, 2009

غبت كثيراً ..
هل لي حق العودة .. ؟؟

التشكيل الوزاري .. هموم مواطن

فيفري 17, 2009

كثر الحديث في الأيام الماضية عن التشكيل الوزاري الجديد الصادر بأوامر ملكية سامية , وأنا كغيري تابعت الموضوع باهتمام بالغ بحكم أنه يطالني كمواطن أعيش تحت سماء “السعودية” ..

التشكيل الوزاري الجديد مثير للاهتمام بحق طالما أنه استعدى الكثير من السائد وتجاوز العقد الوهمية من سجل الماضي , ولكنه يبقى في مجمله شكلياً حتى يثبت لنا العكس , لأنني مقتنع بأن الأصل في كل التصرفات السياسية (سوء الظن) مالم يثبت أو تثبت الأيام عكس ذلك .

لست متفائلاً بالقراءة الأولية للتغييرات التي طالت أغلب الوزارات والأجهزة الحكومية طالما أننا لم نصل للعمق الذي ننشد التغيير فيه , وهو التغيير على مستوى (إدارة الدولة) كـ (نظام) وليس كمناصب وأشخاص ..

أنا لا يهمني تعيين (آل الشيخ) رئيساً لمجلس الشورى خلفاً (لابن حميد) , ما يهمني حقيقة هو “الدور الرقابي” الذي من المفترض أن يمارسه المجلس على الحكومة وأجهزتها ومؤسساتها . يهمني مجلس شورى (منتخب كله) من الشعب لتعين الأمة وكلاء عنها للدفاع عن حقوقهم ومصالحهم ..

كذلك لا يهمني تعيين (ابن حميد) رئيساً لمجلس القضاء الأعلى خلفاً (للحيدان) وما يهمني فعلاً هو “فصل السلطات الثلاث” و “استقلال القضاء”

كذلك لا يهمني تعيين (أمير من هواة التصوير) في منصب وزير التعليم خلفاً (للعبيد) وما يهمني هو أن نكوّن “بيئة تعليمية تربوية” صالحة لإخراج طلاب أكفاء في مجالاتهم التي يحتاجها الوطن ..

وهكذا دواليك ..

نحن نريد جوهر التغيير ولا يكفينا مظهره الخارجي ..

نحن نريد قيم سامية تحكم وزاراتنا (كالجدية والنزاهة والعدالة والأمانة والانجاز … إلخ) ..

نريد رؤية ورسالة وخطة عمل واضحة لكل وزارة وجهاز حكومي حتى نستطيع قياس مدى نجاح الوزارة في تحقيق المطلوب منها حتى ولو بعد حين ..

نريد اشراك للشعب في تحديد خياراته ومستقبله طالما أنه غير قاصر عن هذا الأمر وباستطاعته تحديد الأصلح والأنفع له ..

نريد مزيد من الحرية في تكوين الجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني التي تقود للحراك الطبيعي للشعب حتى يشارك بفاعلية في تحديد مصيره , ويحاسب وزرائه ونوابه وحكومته ..

نريد الكثير قبل أن يسلب أنظارنا (برق خلّب) ..

الحجب .. سلاح الضعيف

نوفمبر 16, 2008

من المؤسف – والمخجل في الحقيقة – أن هيئة الاتصالات لا زالت تمارس تعسفاتها القمعية ضد الآراء الحرة عبر تبنيها سياسة “حجب المواقع” ظناً منها أنها ستكمم الأفواه وتكتم الأنفاس ..

في الوقت الذي لازال ترتيب المملكة يتراجع على مستوى العالم فيما يتعلق بـ “الشفافية” و “حرية الصحافة” , والتي من المفترض على هيئة الاتصالات أن تسعى لتحسينها على مستوى العالم عبر اطلاقها العنان لحرية الرأي طالما أنها لا تتنافى مع قيم الدين الاسلامي ولا الأعراف الاجتماعية , وليس فيها ما يخل بالآداب ولا الأخلاق العامة ..

متى تفقه هذه الهيئة العقيمة أن ما تمارسه عبر حجب المواقع التي تعبر عن آراء أصحابها يعتبر عامل هدم يخلخل بناء الدولة ويفتح المجال للسراديب المغلقة التي تصادر آراء أصحابها والتي لا يجدون مساحة للبوح بها علانية طالما أن هيئة الاتصالات تلاحقهم وتكتم على أنفاسهم ..

نحن نطالب كمواطنين – وكبشر قبل ذلك – لنا الحق في أن نبدي آرائنا تجاه قضايانا المختلفة أن يتم تقنين صلاحيات هيئة الاتصالات لأنها تسعى إلى خلخلة بنيان الدولة عبر تشجيعها على الجيوب الخفية التي لا يتوفر لها حرية التعبير في المكشوف , ومن المعروف أن الجروح التي لا تتعرض للهواء النقي والشمس تتعفن ويستشري فيها داء قد يأتي على الجسد كله , وكذا الآراء التي لا يتاح لها النقاش على مرأى ومسمع الجميع لابد أن يصيبها السقم , وقد تجر علينا ويلات نحن في غنى عنها , وليست تجربة التكفيريين عنا ببعيد والذين تم التنبه – متأخراً – إلى أن أفضل طريقة في القضاء على هذه الأفكار هو نقاشها وفتح باب الحوار على مصراعيه أمام كافة الأفكار التي تعجبنا والتي لا تعجبنا ..

حجب مدونة الأستاذ الاعلامي عصام مدير هو أحد هذه التعسفيات التي تمارسها هذه الهيئة , والأستاذ عصام – طالب الشيخ أحمد ديدات – معروف بوقوفه ضد التنصير والمنصرين وتحديه لهم علانية .. فهل يستحق أن تحجب مدونته .. ؟؟؟؟؟؟

حرية التعبير حقٌ لنا جميعاً لابد أن نطالب به وإلا وجدنا أنفسنا يوماً من ضمن المحجوبة آرائهم 🙂

الاضراب .. حقك المشروع

أكتوبر 26, 2008

انتشر في اليومين الماضية تنادي مجموعة من المواطنين الأحرار في هذا البلد للاضراب عن الطعام احتجاجاً منهم على المعاملة السيئة التي يجدها سجناء الرأي والاصلاح ودعاة العدل والشورى في السجون السعودية , والتي تخالف ما ورد في أنظمة وزارة العدل السعودية وبالتحديد ما ورد في “نظام الاجراءات الجزائية” , والذي ينص في الكثير من مواده على حقوق للمتهم والسجين تتجاهلها السلطات السعودية جملة وتفصيلاً ..

وإن كان أخذ المواطنين واعتقالهم بسبب آرائهم يعد في حد ذاته جريمة , إلا أن الجريمة الأكبر أن تتجاهل كل الأنظمة التي أقررتها في دلالة واضحة على مدى التناقض الذي يزيد من الهوة بين الشعب وقيادته التي لا تحترم الأنظمة التي من المفترض أن تسوس بها رعيتها ..

في الجانب المقابل لابد أن يقول الشعب كلمته تجاه هذا الانتهاك الصارخ , ومادامت الحكومة رضيت بهذه القوانين وصادقت عليها فهي ملزمة بتطبيقها , ومن حق الشعب أن يطالب بهذا الحق ..

الاضراب في حقيقته وسيلة سلمية مشروعة وهي تفوت الفرصة على من يريد أن يعدها جريرة ينكل بها , لأنها تعبير سلمي راق في مضمونه ودلالته , والاضراب عن الطعام بشكل خاص أكثر مسالمة من غيره , بالذات لمن ينعمون بنسيم الحرية ..

اذ ماذا يعني للدولة أن يضرب 1,000,000 مواطن عن الطعام مثلاً .. ؟؟؟

هل سيحدث ذلك هزة اقتصادية .. ؟؟؟

هل ستبور السلع في الأسواق .. ؟؟؟

هل سيؤثر ذلك على حركة الصادرات والواردات .. ؟؟؟

بالطبع سيكون الجواب : لا

الاضراب عن الطعام في مثل هذه الحالة هو عبارة عن “تسجيل موقف” يدعم قضية عادلة , ومطالبة مشروعة ..

3 أمور أخشى أن تكون من عوامل (إفشال) الاضراب :

الأول : الخوف المستحكم في العقول والقلوب عبر سياسة “التدجين” التي مورست من قبل أطراف شتى , ونشأ عليها غالبية الجيل الذي يمثل اليوم الكتلة الحرجة في الحراك والتغيير ..

فالقصص التي تروى عن الذين غادرونا إلى ما وراء الشمس ..

والتلصص الذي يمارسه البعض من ضعاف النفوس ..

كل ذلك أورثنا خوف وهلع شديد حتى مما لا يخاف منه , وبتنا نخاف حتى من ظلالنا , وأصبح الكلام في الشأن العام من المحرمات إلا أن يكون همساً خشية أن تسمع الجدران ما نتهامس به فيما بيننا فتصدر لنا أوامر إركاب على الدرجة الأولى إلى (ما وراء الشمس 🙂

الثاني : أن يخرج علينا أحد المشائخ ورجال الدين ليقول لنا بأن هذا (حرام) وأن الاسلام أتى بالكليات الخمس وأمر بالحفاظ عليها ومنها حفظ النفس ..

والمشائخ عندنا لديهم قدرة عجيبة على (إجهاض) مشروع كامل طالما أنهم يتحكمون بعواطف الكثير من البشر , ويكفي الشيخ أن يحسن إيراد بعض الأدلة التي يسوقها لإثبات أفكاره المؤدلجة ويختمها بالقول بأن هذا الفعل (لا يجوز أو حرام) لتجد هذه النتيجة طريقها إلى العقول المنومة مغناطيسياً لتسير وفق الاملاءات الموجهة ..

الثالث : أن تسيطر شهوة الأكل وملء البطن على العبد الضعيف فيفقد ارادته , ورحم الله الداعين إلى الاضراب فقد كان يكفي يوم واحد أو سويعات محددة للاضراب بدلاً عن يومين كاملين , ولعله فاتهم أن (التخمة) قد أصابت الشعب السعودي في مقتل , ومشهد (الكبسة) يتهاوى أمامه أكثر الناس قوة وتحملا ..

يا قوم إن الأمر جد ..

“اربطوا الحجارة على بطونكم”

لحوم العلماء مسمومة ..

أكتوبر 14, 2008

كثيراً ما نسمع هذه الجملة تتكرر كثيراً , ويحفظها كل أحد ..

وكثيراً ما يتم استخدامها بشكل مشاع بمناسبة وبدون مناسبة ..

وأنا هنا لا أعلم هل وصلت محاربتنا للأصوات الناقدة أن نستدعي بعض المقولات – الصحيحة في مضمونها المنفلتة في توظيفها – لنبرزها كالسيف في محاربة كل من يبدي رأيه تجاه أمر معين .. ؟؟؟؟

وهل انتقاد شيخ – ان صحت التسمية – لفتوى أو رأي أو محاضرة أو درس يدخل ضمن مقولة (لحوم العلماء مسمومة) .. ؟؟؟

وهل مناقشته فيها يعتبر من المحظور الذي فيه تعدي على ذاته مقدسة .. ؟؟؟

لماذا كلما رأينا كاتباً أو متحدث اقترب من “أصحاب العمائم والبشوت” وانتقدهم في جانب أو في رأي اتهمناه على دينه ونواياه .. ؟؟؟

في الواقع أن (المشائخ وطلاب العلم) حصلوا على حصانة من الناس لم يحصل عليها دبلوماسيين غربيين في بلادنا 🙂 , وهذا أمر أصابنا بحالة من التبلد والجمود الفكري والذهني , وغرس فينا نبتة بغيضة اسمها (التبعية) دون أن يصاحبها حظ من النظر ..

لعلنا نتفق جميعاً أنه (لا قداسة) لكلام العلماء بداية , ولا معصوم إلا صاحب القبر صلى الله عليه وسلم , وغيره يؤخذ من كلامهم ويرد طالما أنهم بشر معرضون للخطأ والصواب , وهنا يبرز التساؤل ذاته (لماذا نقدس أقوالهم طالما أنها بشرية محضة وقابلة للخطأ والصواب) .. ؟؟

قد يقول البعض وأين هذه القداسة التي تدعيها .. ؟؟ فأقول أن الأمر أوضح من أن يفسر , إذ يكفيك أن تنظر في مقال صحفي ينتقد كلاماً أو فتوى أو رأي لشيخ معين وتتابع التعليقات الواردة على هذا المقال لتعلم أن القداسة ضاربة بأطنابها في عقول الكثير الذي يعد انتقاد (رجل دين) طامة من الطوام التي يكال لصاحبها ما يستحقه من الأوصاف البشعة والنوايا السيئة ..

للأسف أنه يتم تغييب العديد من مواقف السيرة التي تنقض هذه القدسية الوهمية جملة وتفصيلا , مع حفظها لمكانة العلماء وقدرهم وتكريمهم بالعلم الذي يحملونه في صدورهم وعقولهم ..

فالمرأة التي ردت على عمر بن الخطاب وهو على المنبر لم تصبها لوثة القداسة كون عمر رضي الله عنه  (خليفة المسلمين أو أنه قد يكون أعلم منها) , وعمر رضي الله عنه يجسد الموقف الأروع حينما يؤصل لمبدأ جميل وهو الاعتراف بالخطأ فيقول : (أصابت امرأة وأخطأ عمر) ..

هذا عمر رضي الله عنه ذاته الذي سأل الصحابة وهم على المنبر (ماذ تصنعون ان قلت هكذا) وأشار بيده اشارة تدل على النكوص عن الطريق المستقيم , ليرد عليه أحد الصحابة رضي الله عنهم (اذا لقلنا بسيوفنا هكذا) ..

ألا تبني فينا هذه المواقف أساساً لعلاقة مشتركة بين (المشائخ وطلاب العلم) و (المنتقدين من عامة الناس) , أم أن هالة القداسة أصابت أعيننا فلن نعد نرى سوى (جزاك الله خير يا شيخ) ومعها الذين انبروا للدفاع عن كل ما يصدر عنهم دون أن يكون للعقل نصيباً من التحكيم في ما يصدر عن (فضيلته أو سماحته) ..

غني عن الذكر القول بأن في كل جانب (غلاة) يشطحون عن السواد الأعظم , وهم ليسوا محور الحديث هنا وليسوا المعنيين بهذا الكلام ..

نحفظ لشيوخنا قدرهم ولا يمنعنا ذلك من ابداء آرائنا في فتاويهم واطروحاتهم التي لنا فيها رأي آخر قد يكون مخالفاً لهم , وكما أن علينا أن نكون موضوعيين ومؤدبين في انتقادنا لهم فعليهم هم أيضاً أن يرخوا أسماعهم للآراء التي تخالفهم , وأن لا يضيقوا بها ذرعاً طالما أنهم ليسوا “أنبياء معصومين” ..

هل هي فعلاً (للشباب الإسلامي) ؟؟

أوت 12, 2008

الندوة العالمية للشباب الاسلامي ..

منظمة معروفة على مستوى العالم الإسلامي بلا شك , وجهودها أبرز من أن نثبتها هنا ..

السؤال الذي طالما تردد : هل المنظمة تحقق مسمى (الندوة العالمية للشباب الإسلامي) ؟؟

دار نقاش قبل فترة ليست بالقصيرة بين مجموعة من الشباب عن ماهية عمل الندوة , وهل هي فعلاً تقوم بواجبها تجاه (الشباب الإسلامي) الذي ترفع شعارها في مسماها ؟؟

اختلفت الآراء – كالعادة – بيننا بين مؤيد يرى فيها مؤسسة قائمة بما يجب عليها القيام به , ويكيل الثناء والمدح على مشاريعها التي قامت بها في كل دول العالم الإسلامي ..

وبين معارض يرى أن الندوة ينبغي أن تغير شعارها ومسماها لكي تكون من ضمن (المؤسسات الخيرية) التي تهتم بالعمل الخيري , لأنها بالمسمى الحالي تقوم بعمل (المؤسسات الخيرية : إغاثة , كفالة أيتام , كفالة دعاة , مساعدة الفقراء والمحتاجين , المساهمة في إيصال المعونات للمتضررين ….. إلخ) وهذا أمر لا ينكره أحد ولا يعيبها عليه , ووجهة النظر هنا هي أن غالبية نشاطاتها (خيرية) فلماذا تتسمى بـ (الندوة العالمية للشباب الإسلامي) ؟؟

كان البعض يتكلم بأننا نعرف ننتقد فقط ولكننا سلبيون في العمل – ولعلي أطرح هذه الشبهة في موضوع منفصل – وتلك هي المطرقة التي دائماً ما تهوي على رأس كل من يحاول أن يبين الخلل الذي يراه , ومن ضمنها قول (علينا العمل وليس علينا النتائج)

قررت أن أقوم بزيارة مقر الندوة العالمية المتواجد في المنطقة القريبة مني , وتحججت حتى أستطيع مقابلة مدير الندوة بوجود مشروع لدي , وفي الحقيقة هو لم يكن مشروع وإنما هو فكرة مشروع كنت أتمنى أن تتبناها الندوة العالمية “للشباب الإسلامي” وهو ملتقى تتكفل الندوة بترتيبه والدعوة إليه يضم مجموعة من الشباب – فقط – من كافة الدول الإسلامية , ويكون بمثابة المؤتمر الذي يجتمع فيه هؤلاء الشباب لبحث قضايا الأمة فيما بينهم وسبل النهوض بها ..

حينما إلتقيت بمدير الندوة استقبلني استقبال بارد , وكان يتكلم بشكل رسمي جداً , وحينما عرضت عليه الفكرة بدأ يعدد لي جهودهم ومشاريعهم ونشاطاتهم ويناولني بعض مطبوعاتهم التي تحكي شيئاً من هذه الانجازات – على حد قوله – ..

وضحت له وجهة النظر التي أردت ايصالها وذكرته بدورهم تجاه “الشباب الإسلامي” الذي ينتظر تحرك أكبر من الدور الذي تقوم به الندوة العالمية الخيرية للعالم الإسلامي , شكرته بعدها وانصرفت بقناعة زادت عندي يقيناً أن العمل الخيري يحتاج إلى كفاءات إدارية “محترفة” أكثر من أشخاص ساهموا في الدعوة فترة من الزمن وكانت عندهم نية صالحة وحب للتطوع (لا تكفي لأن نصنع مؤسسات غير ربحية متطورة)

Back

أوت 3, 2008

كنت في فترة نقاهة وبعيد عن النت لمدة 10 أيام

وقد عدت للتو ..

لنعود للركض من جديد ..

وحشتوووووووووني ..

أين مكاننا اليوم ..؟؟؟

جويلية 13, 2008

كم حرك في هذا النموذج الذي رسمه الدكتور جاسم سلطان الكثير من الأسئلة ..

كنت في السابق أرى أن الصحوة هي النهضة , وأننا بوصولنا للصحوة نكون قد وصلنا لمرحلة تمكننا من إعادة العزة للاسلام ..

لكنني أدركت لاحقاً أن هناك قضايا أكبر من قضية الصحوة , وأنها ليسا المخرج النهائي للمشاكل التي كنا ولازلنا نعاني منها في واقعنا ومحيطنا اليوم ..

وأن الصحوة ما هي إلا مرحلة من مراحل النهضة لا ينبغي الوقوف عندها والمراوحة في نفس المكان ..

للأسف هذا ما أراه اليوم واضحاً جلياً في الواقع الاسلامي , فالكل مستبشر بالصحوة “المباركة” , والكل يظن أنها هي المنقذ من حالة التخلف التي نعيشها اليوم على كافة الأصعدة ..

للأسف هذا الخلل في التفكير من وجهة نظري سبب عائقاً لنهضة الأمة أكثر من كون الصحوة من المفترض أن تكون عاملاً دافعاً لعجلة النهضة , ولذلك أصبحت اليوم الكثير من الحركات الاسلامية بأطيافها تراوح في هذا المكان منذ سنوات دون أن تتضح لها الرؤية التي تقودها إلى المرحلة اللاحقة ..

فالكل يدور في فلك (الالتزام – التربية) ثم ماذا ؟؟؟ (الالتزام – التربية)

الذي يعيش في أوساط الصحوة (سرورية – إخوان – تبليغ – …..) يرى بأن هذه أكبر القضايا التي تشغل بالهم اليوم , فالمنضم لأي من أطياف الصحوة لن يجد في أجندتها شيء سوى هذه المعادلة (إلتزام ديني “مظهري أحيانا” – تربية – ما بعد التربية)

الإلتزام الديني :

تحرص الأجواء الصحوية في بداية استقطابها للمريد أن تشعره بأريحية الأجواء , من غير اشارة للالتزام لا من قريب ولا من بعيد في فترة تسمى فترة (التعارف والتآلف) تسود فيها البرامج الترفيهية حتى يكون هناك تقبل لاحقاً للبرامج الجادة التي تبدأ في الضرب على وتر التدين لدى الشخص لكي يصبح (شخص ملتزم) وعلامة الالتزام هي (تربية اللحية وتقصير الثوب) , ومهما كان الانسان صالحاً ومحافظاً فيبقى في نظر الكثير (غير ملتزم) لافتقاده (مظهر من مظاهر التدين الشائعة في السعودية فقط) ..

كنا اذا سألنا عن شخص أو سُئلنا عنه في بداية معرفتنا به نجيب أو نتلقى الجواب بأنه (ملتزم) استناداً على قصر ثوبه وطول لحيته , على الرغم من جهلنا به تماماً ..

وغالباً ما يكون هذا هو الهدف الأول الذي تسعى إليه كافة المناشط الصحوية في بداية استقطابها للأفراد ..

التربية :

وتلك هي المرحلة الأكثر برامجاً والأكثر ثراء من ناحية الكم والتي يتلقى فيها الشخص البرامج التي (تقوم سلوكياته الخاطئة وتعزز السلوكيات الجيدة لديه) وتشتمل على البرامج (الإيمانية الروحية – السلوكية الأخلاقية) وهي المرحلة التي تبقى ولا تنتهي أبداً في تكرار عجيب للبرامج بنفس الأساليب – غالباً – مع تعدد شرائح المتلقين وأحياناً كثيرة تتكرر أيضاً (نفس المواضيع) ..

وهذه المرحلة التي يصر (أبناء الصحوة) على أن الكل لابد أن يمر بها حتى يعمل للاسلام في نهاية الأمر – وإن كان الوضع قد تغير نوعاً ما مؤخراً – لكنها لازالت من الثوابت التي لا ينبغي تجاوزها , وهي للأسف مرحلة عائمة غير محددة لا بوقت ولا بضوابط ولا بمؤشرات ..

ما بعد التربية :

تأتي هذه المرحلة كمرحلة مكملة للمرحلتين السابقتين فالناتج يكون أحد هؤلاء :

شخص ملتزم ويصلح للتربية : هذا يعود لكي يمارس نفس الطريقة السابقة ولكن على شرائح جديدة وقد يكون في أماكن جديدة إن لم يتسن له العمل في نفس المكان ..

شخص ملتزم ولكن غير مربي : يوجه إما للأعمال الخيرية أو المهام التي لا تتطلب تربويات (مهام ادارية – تنسيقية ….)

شخص غير ملتزم وغير مربي : يهمل تماماً في الأجواء وسيان حضوره وغيابه إن لم يجد نفسه أصلاً خارج هذه الأجواء بقدرة قادر ..

فئة مختلطة من الفئات السابقة : تصبح همومها شخصية بعيداً عن الأجواء الجماعية , فإما أن تبدأ مشاريعها الشخصية , وإما أن تنشغل بهمومها الخاصة ..

هذه الدورة اللامتناهية في عالم “الصحوة” اليوم هي التي كان الدكتور جاسم سلطان يحاول أن يزيل الغمة التي تكتنفها , فرمي بالتخريب وبالتنظير , وأصبح “عدو التربية الأول” فقط لأنه أثار الكثير من التساؤلات التي ليس لها أجوبة واضحة من قبل الذين يعملون للاسلام وهم نتاج “الصحوة المباركة” ..

من هذه الأسئلة سؤاله عن (التربية) وهل هي شرط لازم لكي يعمل الانسان في النهضة .. ؟؟؟؟

اقرأ ما كتبه هنا  (رسالة التربية الفعالة)

والسؤال ..

هل لازلنا نرى أن (الصحوة) هي نهاية المطاف .. ؟؟؟؟

وهل أدبياتها اليوم وآليات عملها ممثلة في الأطياف الكبرى ستقود إلى نهضة الأمة .. ؟؟؟؟

لست أحصر نهضة الأمة على أحد لكنني أرقب تحركات هذه الكتل الكبيرة في المشهد العام للصحوة “المباركة”

الدين .. إذ يكون مخدراً

جويلية 8, 2008

المتأمل في نصوص الكتاب والسنة بالذات فيما يتعلق بالحقوق ومشروعية المطالبة بها , وفيما يتعلق بالقيم العظمى كالعدل ونصرة الحق ومحاربة الظلم والوعيد للظالمين يجد أن هناك تراثاً هائلاً من النصوص التي تحث على إعلاء هذه القيم والتمسك بها بل والمطالبة بها في حال غيابها كحق مشروع وفرض واجب هو من أساسيات الدين الذي تواطأت النصوص على تثبيته والأخذ به ..

بل وكانت أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر وضوحاً تجاه هذه القيم وتجاه تطبيقها في الصورة المثالية للمجتمع المسلم التي كانت ولا زالت النموذج الذي يحكي لنا التماهي بين النص والتطبيق على أرض الواقع ..

فالنصوص القرآنية أكثر من أن تحصر كقوله تعالى : (ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى) وهذا قمة العدل في الأمر به مع المعادي الذي نبغضه فكيف بمن ليس بيننا وبينه عداوة .. ؟؟؟

ومن الأحاديث القدسية قوله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه : (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا ….)

ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم : (انصر أخاك ظالماً أو مظلوما …..)

وأما أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم في السيرة فأكثر من أن تحصى في إبراز هذه القيم والمحافظة عليها وصيانتها وعدم التعدي على أي منها , وما مشاركة الرسول صلى الله عليه وسلم في “حلف الفضول” وقوله صلى الله عليه وسلم : “لو دعيت إلى مثله في الاسلام لأجبت” إلا أكبر دليل على علو هذه القيم وفرضية المحافظة عليها للحفاظ على نسيج المجتمع المسلم والدولة بشكل عام مترابطة ومستقرة ..

فمالذي تغير .. ؟؟؟؟؟؟؟

ألسنا نقرأ ذات القرآن الذي أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ؟؟؟؟

ألسنا نحفظ أحاديثه التي تأمر بهذه القيم .. ؟؟؟؟

ألسنا نقرأ سيرته التي تجسد “الصورة المثالية” للحاكم العادل والذي يراعي تطبيق كل هذه القيم .. ؟؟؟

إذاً مالذي حدث .. ؟؟؟؟

لماذا برزت إلينا مفاهيم جديدة تلوي أعناق النصوص , وتغيب البعض الآخر والذي لا يوافق هوى فئة معينة .. ؟؟؟

ما يحزنني حقيقة هو أن “الدين” أقحم في الصراعات السياسية واستخدم كأداة لتجييش الناس ضد بعض الأفكار “غير المرغوب فيها” والتي ليس لها ما يعارضها صراحة من نصوص الدين قطعية الثبوت والدلالة , وأصبح (سيف المتكلمين باسم الدين) مسلطاً على رقاب الجميع بحكم أنهم يدعون أنهم الأعلم بما قال الله وقال رسوله ..

ليس الملوم هنا الناس البسطاء الذين الذين تتحرك عاطفتهم تجاه كل ما يأتي باسم الدين بغض النظر عن المتكلمين باسمه هنا إن كانوا محقين أم لا , وإنما الملومين هم أولئك الذين أدلجوا الدين , وأدلجوا النصوص القدسية لكي تأتي متطابقة مع هوى أولئك المستفيدين من كل هذا , والطامة الكبرى حينما يوجد مع كل هذا رفض لكل ما هو مخالف للرأي (المؤدلج) في اقصائية بغيضة تنبئك عن مدى “الجريمة” التي يرتكبها هؤلاء حينما يصبحون هم فقط الذين يسمح لهم (بالكلام عن الله) ..

أخشى ان ضربت الأمثلة أن تضيق الفكرة من ضيق المثال ..

نصرة المظلومين >>>>> إثارة فتنة

وسائل التعبير والاحتجاج السلمي >>>>> خروج على الحاكم

انتقاد الفهم القاصر للدين >>>>> علمانية أو ليبرالية

رفع شعارات حقوق الانسان والاستنصار بهم >>>>> عمالة مع الغرب واستعداء على المسلمين

والأمثلة كثيرة لمن يمعن النظر في الخطاب الديني السائد في البلد , والذي قام في الأصل على تحالف (ديني – سياسي) ولازال الكل يحفظ العهد إذ بقاء أحد هذه الأطراف مرهون ببقاء الطرف الآخر ..

سأقف هنا وأترك لكم المجال ,,